ما هو السلوك الشاذ؟
نماذج للسلوك الشاذ
استقصاءات تشخيص السلوك الشاذ
تصنيف الاضطرابات العقلية
اعتراضات على تصنيف الاضطرابات العقلية


ما هو السلوك الشاذ؟

يميل علماء النفس إلى الاتفاق على بعض المعايير لتعريف عملي للاضطرابات النفسية.
وبالرغم من عدم وجود فاصل دائم بين السلوك العادي وغير العادي ، والصحة العقلية والمرض العقلي ،إلا أن هناك ثلاثة معايير تُستخدم غالبا للحكم على مدى خطورة السلوكيات:

- لكل المجتمعات معايير سلوك مقبول. عندما يخرج فرد ما من دائرة سلوكيات نمطية لمجتمع معين أو ثقافة معينة، يتم وصفه بشخص مختلف أو غير طبيعي.
و ينظر إلى السلوك غير النمطي أو غير العادي الذي يعمل على إزعاج قيم أو معتقدات الآخرين على أنه منحرف.

- كما يوصف السلوك بالاضطراب إذا كان مؤذيا أو سيء التكييف؛ إذا كان المرء غير قادر على التكيف مع المجتمع والعمل على نحو فعال يمكن اعتبار سلوكه شاذا.المسألة مسألة درجات و غالبا ما تكون نسبية.

- الاضطراب النفسي هو المعيار الثالث المشترك في سُلم الانحرافات. عندما يشعر الفرد بالآلام النفسية مثل الاكتئاب أو القلق الشديد أو الرهاب يصير حينئذ سلم الاضطراب معيارا هاما.

وبالرغم من أن هذه المعايير الثلاثة من مستوى الانحراف ، وسوء التكيف والاضطراب الشخصي معايير مقبولة ، إلا أنه على المرء أن يتذكر أن تشخيص الاضطرابات النفسية كلها ينطوي على أحكام القيم السائدة والمعايير الثقافية حول ما هو طبيعي وغير طبيعي، تخطئ الأحكام أو تصيب حسب تغيير الاتجاهات الاجتماعية.


نماذج للسلوك الشاذ

تعرّف المقاربة الإحصائية السلوك العادي عبر وصف سلوك عموم الناس ليكون الانحراف السلوكي هو الشذوذ عن هذه القاعدة.
وغالبا ما يستخدم معيار -زائد أو ناقص اثنين من معدل انحراف- يمثل سلوكا أو اختبارا موحدا. المشكل مع هذا التعريف أنه يُسوي بين "الطبيعي" والمطابقة. فماذا يعني الانحراف عن معدل الذكاء العام إيجابا؟ أليس فعلا شيئا مستحسنا؟

آراء الرؤية الدينامية النفسية لنموذج السلوك الشاذ تعتبره نتيجة حل الصراعات النفسية للطفولة المبكرة والنزاعات النفسية الداخلية المتمثلة في الصراع بين الرغبات الغريزية الذاتية للأنا ومطالب المجتمع، والوعي الشخصي- الضمير الموجود في الأنا العليا.

فيما يقترح النموذج السلوكي أن الاضطرابات ناجمة عن سوء بيئات التعلم التي تعزز إشكالية السلوكيات. بالنسبة لعالم سلوكي "ليس هناك ما يسمى شخص غير عادي، بل شخص عادي نما في بيئة غير عادية". ويؤكد علماء نظرية التعلم الاجتماعي أن المجتمع غالبا ما يقدم نماذج منحرفة شاذة يعمل الأطفال على تقليدها. فمفتاح تعديل السلوك الإشكالي يكمن في عرض تجارب و خبرات تعليمية ايجابية، نماذج سليمة وتقليدها، وعبر مكافئة السلوكيات الايجابية وتشجيعها.

النموذج الإنساني يقترح أننا نقوم ذاتيا بتجديد وإشباع إمكانياتنا. وإذا كان هدفنا النمو الطبيعي نحو تحقيق الذات يواجه بالنقد السلبي وبيئة غير إنسانية، عندئذ قد نُطور مفهوما ذاتيا سلبيا يعوق نمونا ويشوه نظرتنا إلى العالم، فنبدأ بالانسحاب العاطفي ونفقد التزامنا داخل النفس التي تتوق إلى التفعيل الذاتي.من خلال نظرة ايجابية غير مشروطة-التعاطف والقبول والاحترام- نستطيع أن نكتشف جمالنا الداخلي وسعينا نحو تحقيق ذاتنا.

ترى المقاربة المعرفية أن السلوك غير الطبيعي ما هو إلا نتيجة تفكير مختل أو غير عقلاني. و يؤكد النموذج المعرفي أن الاضطرابات النفسية هي نتيجة لخلل في التفكير الذي يؤدي إلى الانهزامية وسوءالسلوك.
وهذا "بيك" ، معالج معرفي يحظى بالاحترام ، يعتقد أن الاكتئاب ينتج عن التفكير السلبي و الأفكار المحبطة عن تجارب الحياة فعمل على تحدي أفكار مرضاه السوداء عن المرض ، وساعدهم على التفكير بشكل ايجابي، طاردا بذلك تلك الأفكار التي تصبح "أفكارا أوتوماتيكية" ، يصعب كسرها.

يقدم لنا النموذج الثقافي الاجتماعي للاضطراب السلوكي نظرته القائلة أن السلوك الشاذ محاولة للتكيف مع عالم مجنون و ظالم. بالنسبة للمنظرين الاجتماعيين الثقافيين ليس الشخص هو المريض بل المجتمع. وهم يدّعون بأننا نحن من "يتكيف" مع هذا "العالم المجنون" مؤدين في ذلك الثمن الباهظ "التطابق" مع الجنون حولنا والخسارة لفرديتنا.
العالم "لينع" يدّعي أننا نتطابق مع عصر القلق الذي هو جنون بل المرضى العقليون هم الذين يستطيعون التعبير عن فرديتهم. ورغم كون هده النظرية غير مشهورة إلا أن النظرية الاجتماعية تدعونا للتوقف قليلا والتفكير ربما "السوية ليست سوى نصف تعديل جنوني مع جنون العالم". لعل العنف المادي ، التركيز على السمات السطحية، العلل الاجتماعية ، جنون المخدرات هي علامات الجنون الاجتماعية و من الحكمة أن ننأى بأنفسنا بدل محاولة الاتفاق والانسجام في خانة الطبيعيين !
بالتأكيد النظرية الاجتماعية تدعو إلى طرح مسألة الممارسات الحالية في المؤسسات النفسية والعلاج الكيميائي كأنه العلاج الفريد الصحيح لأولئك الذين لا يختارون مطابقة "الحالة الطبيعية". العديد من مشاهير الفنانين والكتاب والعباقرة قد اعتبروا "غير طبيعيين !".

ويُعرّف النموذج القانوني الجنون بذلك الشخص غير المسئول عن تصرفاته لأنه لا يفرق بين الصواب والخطأ. لإصدار حكم "غير مذنب بسبب الجنون" يجب أن يكون الشخص يعاني من مرض عقلي يسبب له الانخراط في العمل الإجرامي.

وأما المقاربة النفسية الفيزيولوجية فترى أن السلوك الشاذ يرجع إلى العيوب الفسيولوجية الكامنة في الجهاز العصبي وخصوصا الدماغ. والبحوث الأخيرة المستعمِلة لآلات تصوير الدماغ تعطي مصداقية لهذا الاتجاه، فمثلا دماغ الفصاميين تختلف عن دماغ الأشخاص الطبيعيين التي تم مسحها.

وأخيرا يفترض النموذج الطبي أن المرض النفسي هو الذي يسبب الاضطراب السلوكي. كما هو الحال في المرض البدني حيث يزور المريض الطبيب الذي عموما ما يصف الأعراض ، يقدم التشخيص ويصف الأدوية.
كذلك يستخدم النموذج الطبي الأعراض والتشخيص والعلاج الكيميائي كخطوات رئيسية في علاج الأمراض العقلية.
وقد اعتمدت جمعية الطب النفسي الأمريكية الدليل التشخيصي والإحصائي (الطبعة الرابعة) للمساعدة في تشخيص الأمراض العقلية، فهي تعدّد الأعراض لكل "اختلال عقلي"، فضلا عن تقديمها الإحصاءات في مجموع السكان.


استقصاءات حول الصحة العقلية

سنة 1985 في الولايات المتحدة، أجرى المعهد الوطني للصحة العقلية مسحا شمل 20.000 شخصا وكلف ملايين الدولارات، فوجد أن أكثر من 20 ٪ من البالغين أصيب على الأقل بإحدى الاضطرابات النفسية خلال الأشهر الستة الماضية.

أشيع الأمراض العقلية:

-اضطرابات القلق تصيب (10-12 ٪ من السكان)
-الكحول والمخدرات (6-7 ٪)
-الاضطرابات العاطفية (5-6 ٪)
-الفصام (1 ٪)
-واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (1 ٪).

وُجد أن للرجل والمرأة فرص متساوية لتطوير اضطرابات عقلية، وان النساء يعانين بدرجة أكبر من الاكتئاب فيما يصاب الرجل أكثر باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
وتُظهر دراسات متعددة أن كل منا له فرصة واحدة من ثلاثة لتطوير مرض عقلي خلال وجوده.

من أحدث الدراسات الأمريكية كذلك و المنشورة سنة 1994 الدراسة الوطنية للاعتلال(كيسلر وآخرون)،حيث فوجئ الباحثون بان حوالي واحد من كل اثنين من البالغين 48 ٪ ، قد عانوا من أعراض اضطرابات نفسية ما في حياتهم ، و 30 ٪ خلال السنة السابقة. من هذه ال30 ٪ ، 80 ٪ لم تلتمس العلاج لأعراضها خلال السنة.
في هذه الدراسة وجد أيضا أن نسبة انتشار اضطرابات القلق لدى النساء أكبر بـ(+ 30 ٪) والاكتئاب (+ 20 ٪). بينما كانت نسبة حالات تعاطي المخدرات أكبر لدى الرجال (35 ٪) ، واضطرابات الشخصية المعادية (5 ٪).
أسباب الاختلافات الجينية غير معروفة إلا أن الأدوار الاجتماعية والجينات تبقى من المشتبه بهما الرئيسيين.

تشخيص السلوك الشاذ

بدأت جهود كبيرة لتصنيف الاضطرابات العقلية في سنة 1952 عندما نشرت الرابطة الأمريكية للطب النفسي الدليل الإحصائي الأول لتشخيص الأمراض العقلية. هذا النظام التصنيفي المنهجي يوفر المعلومات عن الأعراض واحتمال حدوثها إحصائيا ومعايير التشخيص.
تنقيح عام 1994 الرابع يحتوي على أكثر من 250 أمراض محددة.
ومع أن الأخصائيين النفسانيين غالبا غير راضين عن المصطلحات الطبية والتعقيد وموثوقيه وسلامة هذا التصنيف، إلا أنه أفضل نظام تصنيف متاح حاليا ويسمح ببناء نظريات علماء النفس عن بداية الاضطرابات العقلية،تقدمها وعلاجها. أكبر مشكلة في نظام التصنيف هذا هو أنه بمجرد حمل طالب العلاج للقب" مصاب باضطراب عقلي"غالبا ما ينظر إليه باعتباره "مريض عقلي". العلامات النفسية يمكن أن تجرد الناس من إنسانيتهم و قد تدفع الآخرين إلى الانطواء والخوف والشك.
الدليل الرابع يشمل الأعراض، المعايير المضبوطة التي يجب استيفاؤها لعمل التشخيص والطريق المثالي لحصول الأمراض النفسية.و يعطي الإكلينيكيين لغة مشتركة لتمييز الاضطرابات العقلية ومبادئ توجيهية شاملة لتشخيص الاضطرابات النفسية.
التشخيصات تشمل الآن نظاما متعدد المحاور يأخذ بعين الاعتبار خمسة أبعاد مختلفة للسلوك:
 المحور الأول يتناول أعراض سريرية وتتضمن تصنيفات رئيسية مثل اضطرابات القلق والفصام واضطرابات تفكيكية.
 يتناول المحور الثاني اضطراب الشخصية المعادية ، النرجسية ،الاعتمادية والمتجنبة، والتي يمكن أن تتعايش مع الاضطرابات السابقة.
 المحور الثالث يعترف بالاضطرابات الجسدية وظروف مثل مشاكل القلب والسكري والربو التي قد تتفاعل مع الظروف النفسية أو تعجل بظهورها.
 المحور الرابع يبرز أهمية العوامل الضاغطة الاجتماعية النفسية. يستخدم المعالج معلومات عن الحياة الحالية للمريض و ماضيه لتحديد مستوى الضغوط النفسية التي يعانى منها هذا الشخص.
المحور الخامس هو إجراء تقييم شامل لمستوى الأداء.
هذا النظام لدليلي يمثل المقدرة الشاملة للمريض على العمل بشكل فعال في العالم.


تصنيف الاضطرابات العقلية
في الدليل الإحصائي الرابع

تستعرض الفقرات التالية أهم الأعراض الاكلينيكية لاضطرابات المحورين الأوليين في هذا الدليل.

المحور الأول

1. تشخيص الاضطرابات عادة في سن الرضاعة والطفولة والمراهقة.
37 تشخيصا يضم التخلف العقلي ، اضطرابات الأكل ، واضطراب السلوك الانطوائي، اضطراب نقص الانتباه / النشاط المفرط ، واضطراب الكلام ، السلوك العدواني الشديد.

2. الهذيان، فقدان الذاكرة والعته ، وغيرها من الاضطرابات الإدراكية للدماغ الناجمة عن المخدرات والسموم ، أو أمراض الشيخوخة.
وتشمل الأمثلة الهذيان (التباس نفسي بالغ) ، والعته( تدهور ملحوظ للقدرات الذهنية) ومرض الزهايمر إضافة إلى الأضرار الناجمة عن طريق ابتلاع المواد السامة (المخدرات..).
الأعراض النفسية تتصل مباشرة بإصابة في الدماغ أو العوامل البيئية البيوكيميائية.

3. اضطرابات استخدام المؤثرات العقلية وتشمل اضطرابات الإفراط في استخدام وإدمان المخدرات -والمؤثرات العقلية- بما في ذلك الكوكايين والامفيتامين والمهدئات والكحول والهيروين وغيرها من المخدرات التي تؤدي إلى اضطرابات ذهنية وعاطفية وسلوكية. يضاف إليها التبغ والماريجوانا رغم الجدل حولهما.

4. الفصام واضطرابات الهوس الأخرى
يتسم الفصام بثلاثة أعراض مشتركة:
o اضطرابات التفكير - اضطرابات تشمل زعزعة الشعور بالارتياح بفعل الأوهام،اضطراب الحديث عبر خلط الكلمات وفقد الترابط بين الأشياء.
o اضطرابات في التلقي الحسي: وتشمل الهلوسات و التصورات الخاطئة أو المشوهة.
اضطرابات الانفعال العاطفي:ردود فعل غير ملائمة أو شاذة،بكاء فجائي أو تصلب عاطفي،نوبات ضحك أو غضب دون مقدمات وأحيانا سلوك حركي غريب.
والكلمة اللاتينية للفصام هي SCHIZOPHRENIA مكونة من "schizo" التي تعني الانشقاق و "phrenic" "العقل"، ليعني المرض الانشقاق والانفصال عن الواقع الذي تعيشه الشخصية المنفصمة التي تفقد الوحدة نتيجة التفكير غير المنظم والمشوش، ، تقلبات في المزاج العاطفي و غرابة التصورات.
وهذه أهم أهم أنواع الفصام:
الانفصام الاختلالي حيث يعاني أصحابه من الهلوسات والتجارب الحسيه مثل الهلوسة السمعية وسماع أصوات غير موجودة أو الإحساس بالبق الزاحف عليهم مع عدم وجوده. وغالبا ما تخالجهم الأوهام والمعتقدات الخاطئة مثل وهم الاضطهاد ،أو وجود من يحاول إلحاق الأذى بهم أو قتلهم. ومع هذه الأفكار المضطربة وغير المتماسكة يجد الفصاميون المختلون صعوبة في الاتصال ويصيبهم الارتباك.وغالبا ما يتراجعون وينسحبون في انعزالية وسلوك صبياني سخيف.
شكل آخر من الانفصام أقل شيوعا الانفصام الإغمائي التخشبي، قد يصبح هذا الفصامي مشلول الحركة تماما محافظا على نفس الوضع لفترات طويلة من الزمن. هذه الحالة المعروفة باسم اللاواعي الإغمائي التخشبي يشبه الشخص الفصامي- الروبوت -لكنه واع تماما لما يحدث. كما انه قد يظهر سلوكا حركيا غريبا مثل اتخاذ موقف غريب أو التلويح بالأيدي أمام الوجه في سلسلة متكررة من الدوائر الهزلية.
الانفصامي البار انوي طور أوهاما منهجية حول العالم. و هماك ثلاثة أنواع رئيسية من هذه الأوهام هي أوهام العظمة التي يتخيل الشخص أنه أحد العظماء أو الزعماء،وأوهام الإيحاء حيث تحمل بعض الأحداث كالعواصف الرعدية رسائل هامة وأوهام الاضطهاد التي يشعر الانفصامي أن الآخرين يتآمرون ضده.
انفصام غير مميز حيث لا تشمل أي من أعراض الفصام الأخرى.غالبا ما يعود الشخص بعد اضطراب فصامي إلى حالة من الأداء الطبيعي لكن تظهر بعض الأعراض الثانوية التي تصنف ضمن الانفصامات المتبقية.

5.اضطرابات القلق
تشمل اضطرابات القلق كل مشاعر القلق –التوتر، المعاناة والعصبية،أو إثارة غير مريحة من جراء شعور بغيض قوي ومستمر من الانشغال والخوف. رغم أن معظمنا يشعر أحيانا بالقلق والتوتر ، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق يعيشون باستمرار القلق والعصبية.حالة قلقهم مكثفة وطويلة الأمد ومزعجة جدا.

الأعراض المشتركة هي:
التوتر الحركي (الشخص غير قادر على الاسترخاء، توتر عضلي
الخوف (الخوف، الانشغال الدائم )
نشاط مفرط تلقائي(خفقان القلب، الإغماء، الغثيان أو سرعة التنفس)
يقظة مفرطة( تركيز الانتباه على المنبهات المسببة للقلق)
• اضطرابات القلق المعممة
أهم مميزاته القلق المفرط المستمر الدائم على مدى أكثر من شهر دون تركيز على موقف معين أو أداة معينة.
عندما لا يعرف الشخص عموما السبب الحقيقي للقلق يصير التوتر قلقا متجولا دون عنوان. فالشخص عموما قلق، متوتر وعصبي. لا يستطيع النوم، يصاب بالإجهاد وعدم القدرة على التركيز والأداء بشكل جيد.
• اضطرابات الهلع
تكون عفوية ومتكررة. تتغلب على الضحايا مشاعر الذعر والعجز. قلق الهجمات قد يشمل آلام الصدر، خفقان القلب، الارتجاف والرعب. النساء أكثر عرضة بمعدل الضعف من الرجال للإصابة بهذه الاضطرابات.
• اضطراب الرهاب
الرهاب المرضي خوف جارف من حالة أو أداة من المفروض أنها ليست خطيرة أو مؤذية.ويعترف الرهابيون بلاعقلانية خوفهم لكنهم لا يستطيعون دفعه من التدخل في الحياة اليومية.
من أمثلة الرهاب، الخوف من المرتفعات، الخوف من الطيران والخوف من الأماكن المغلقة.
أنواع الرهاب الناتجة عن تجارب مميزة صادمة هي عادة الخوف من الأفاعي والحشرات والظلام والكلاب أو الدم.
• الرهاب الاجتماعي
يعرف الدليل الإحصائي للاضطرابات العقلية الرهاب الاجتماعي على أنه " خوف أو رغبة مجبرة في تفادي وجود حالة قد يكون الشخص فيها عرضة للاهتمام من طرف الآخرين أو مخاوف قد يتصرف خلالها بطريقة من شأنها أن تكون مهينة أو محرجة".
الرهاب الاجتماعي في كثير من الأحيان يتطور في سن المراهقة ، ويشمل الخوف من النقد ، من الوقوع في الخطأ والخوف من التحدث أمام الناس.
رهاب الساحات هو الخوف الشديد من التواجد وحيدا في مكان عمومي بعيدا عن أمن المنزل. حيث يختبر الشخص تجارب خوف مكثف وغير مبرر من مغادرة المنزل.
• اضطرابات الوسواس القهري
ثمة نوع آخر شائع من اضطرابات القلق هو الاضطراب الوسواسي القهري. الوساوس أوالهواجس هي أفكار مثيرة للقلق تتسم بالتكرار ولا تغادر صاحبها.الحركات القهرية إجراءات متكررة تؤدى بإتقان على طريقة الشعائر والطقوس تجنبا للحالة التي يُخشى منها.
الاضطرارات الشائعة تشمل الإفراط في تطهير الأيدي ، عد الأشياء ، وفحص الأقفال والتأكد المبالغ فيه من وسائل الأمن حول المنزل.بعبارة أخرى هؤلاء المضطربون يحسون أنهم مضطرون للانغماس في طقوس لا معنى لها (الإلزام- القهر) بغية السيطرة على أفكارهم غير العقلانيه والمستمرة (الهواجس- الوساوس).
• اضطرابات الضغط-الإجهاد
اضطراب الضغط هو ردة فعل قصوى على حدث أو حالة ضاغطة جدا.اضطراب الضغط النفسي الحاد استجابة حادة، مكثفة وموجزة لحالة ضغط تتبع مباشرة حدث صدمة ويستغرق على الأقل أربعة أشهر.
• اضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة
إنه إعادة إحياء نفسي مكثف لحدث صدمة نفسية والذي قد يشمل الكوابيس المتكررة، استرجاع الأحداث والذكريات الأليمة. وهذه الذكريات قد تكون من القوة بحيث قد يعتقد الشخص أنها تعاود إحياء الحدث.

6. اضطرابات المزاج
عندما يعاني الفرد من اضطراب شديد للمزاج أو اختلال عاطفي، نسمي هذه الحالة بمشكلة مزاج أو اضطراب عاطفي. وهناك نوعان رئيسيان :
الاكتئاب الأكبر (اضطراب أحادي القطب) .
والاكتئاب الهوسي (اضطراب ثنائي القطب).
• الاكتئاب الأكبر
عندما تكون العواطف " منخفضة"،ويكون الفرد حزينا،يائسا ،مثبط العزيمة ، تتغلب عليه غالبا مشاعر الذنب أو اللا جدوى، فإننا ندعو هذا الاكتئاب الأكبر.
الأعراض الأخرى أن يصبح الشخص منغلقا على نفسه، باردا، متحفظا، غير مهتم وغير حساس، فيما يفقد الحيوية والوزن والحافز.والعديد من الأشخاص عانى من تقلص القدرة على التفكير والتركيز أو اتخاذ القرارات.
الاكتئاب في الاضطرابات العقلية هو بمثل الزكام لدى الأمراض البدنية.في الولايات المتحدة أكثر من ربع مليون شخص يستشفون سنويا من جراء الاكتئاب. المزاج اليائس،فقدان الرغبة والمتعة في الحياة اليومية، و الشعور بالخواء قد تؤدي غالبا إلى الأفكار الانتحارية.
وبالرغم من أن الانتحار ليس اضطرابا، إلا أنه يمكن أن ينتج عن الاكتئاب. معظم الناس الذين يحاولون الانتحار مصابون بالاكتئاب.
تسجل في الولايات المتحدة أكثر من 30.000 حالة انتحار سنويا.
في كل حالة انتحار ناجحة، هناك أكثر من 10 محاولات. احتمالات محاولات الانتحار لدى النساء أربع مرات أكثر من الرجال، فيما لدى هؤلاء احتمالات الإقدام على تنفيذ الانتحار أربع مرات أكثر.
• الاكتئاب الهوسي
يمكن أن يحدث الاكتئاب فريدا في صورة اكتئاب أحادي القطب ، أو أن يتناوب مع فترات من الهوس ليصبح الاكتئاب الهوسي-اضطراب ثنائي القطب.
يكون مزاج الشخص في الاكتئاب الهوسي في غاية الانشراح والابتهاج. قد يبد ولفترة منهكا، لكنه سرعان ما ينقلب ثائرا وعصبيا في حالته تلك نادرا ما تحدث به نفسها.نادرا ما تحدث حالة الهوس لوحدها.وتتحول غالبا في اتجاه حالا ت المزاج الفاتر للاكتئاب. المكتئبون الهوسيون يكونون في مرحلة الهوس في حالة من البهجة والإثارة والحيوية، وقد يعتقدون أنه لا حدود لإنجازاتهم ويتصرفون وفقا لذلك.وهؤلاء الأشخاص غالبا ما يكونون ناجحين في الحياة لكنهم يعانون من أقصى تقلبات المزاج الاكتئابي التي قد تؤدي إلى الأفكار الانتحارية.

7. الاضطرابات الجسدية الشكل
إنها اختلالات نفسية لكن المشكل النفسي يأخذ شكلا جسديا ،وذلك بدون وجود سبب جسدي. وبالرغم من أن الأعراض لا سبب عضوي لها إلا أن الألم أو الاعتلال حقيقي وغير خادع. وهذه الاضطرابات تختلف عن الاضطرابات النفس جسدية، حيث الالآم الجسدية ناتجة جزئيا عن مشاكل نفسية مثل :قرحة المعدة، الربو... أمراض حقيقية والتي في الأصل أسبابها عضوية.
• اضطراب محول:
والمثال الكلاسيكي الذي يدعوه "فرويد" الهستيريا ،هو اضطراب محول يتم خلاله 'تحول' القلق إلى ضعف جسدي أو تعطيل الوظيفة الحسية أو الحركية. قد يبدو الشخص أعمى، أصما أو مشلولا ، غير قادر على الكلام أو الشعور بالألم. وبرغم كون هذه المتاعب البدنية لا أساس عضوي لها فالأشخاص الذين يعانون هذا النوع من الاضطراب لا يخدعون أو يمثلون بخصوص أعراضهم البدنية. ويبدو أن طاقة صراع نفسي غير محسوم قد "تحول" إلى أعراض بدنية.
• اضطراب الخوف من المرض
إنه خوف طاغ من الآلام أو الأمراض. مصابوه يفحصون دائما للتحقق من أعراض الأمراض المختلفة والبحث عن الأطباء الذين يوافقون تشخيصهم الذاتي. منشغلين بأجسادهم ، ومهووسين بالخوف من مرض خطير. أي تغييرات ضئيلة عن الحالة الطبيعية قد تجعلهم يعتقدون أنهم أصيبوا بالمرض فعلا.
اضطراب "الهيبوكوندريازيس" HYPOCHONDRIASIS
يتميز هذا الاضطراب بتاريخ طويل من الشكاوى الجسدية المتنوعة التي يبدو أنها نفسية المنشأ. فبينما يشتكي مصابو الخوف المرضي من المرض،يعاني مضطربو هذا الاضطراب من أعراض بدنية نوعية. ومن الشكاوى الشائعة: الصداع، آلام الظهر، الدوار، أمراض الحساسية، التشنجات، الإسهال، المشاكل النفسية الجنسية، التعب، مشاكل الحيض، آلام وأوجاع الصدر و توقف القلب عن الخفقان. ولا وجود لسبب عضوي لهذه الأعراض.

8. اضطرابات انفصامية
في هذه الاضطرابات ينفصل الشخص أو يصاب الوعي أو الهوية لديه.
في العادة هذه الاضطرابات ما هي محاولا ت للهروب من القلق المفرط من خلال فقدان الذاكرة ، عن طريق تغيير الهوية أو انفصال جانب واحد من العقل عن آخر (تعدد الشخصية).
• فقدان الذاكرة الانفصالي
نتاج العقل،عبر الهروب من الصراعات أصحاب هذا الاضطراب ينسون هويتهم وما كانوا، إنه فقدان للذاكرة انتقائي.
ورغم أنهم يفقدون إحساسهم بالهوية إ لا أنهم لا ينسون لغتهم أو غيرها من المهارات الذهنية.
• فقدان الذاكرة "التحليقي"
هو شكل خاص من فقدان الذاكرة الذي يفقد لا الشخص هويته فيه فقط وإنما يهرب إلى مكان آخر ليبدأ حياة من جديد مع هوية أخرى.
• اضطراب الشخصية المتعددة
الشخصية المتعددة نادرة لكنها اضطراب مثير حيث تتواجد شخصيتان أو أكثر داخل نفس الفرد. كل شخصية لها خصائصها ، ذكرياتها، رغباتها وعلاقاتها. كل هوية تتحدث ، تكتب وتتصرف بطريقة مختلفة جدا.
شخصيات داخل الفرد مدركة لوجود الشخصيات الأخرى. التأرجحات بين الشخصيات تكون غالبا مفاجئة ودراماتيكية وتشوبها الضغوط الشديدة.عندما يطغى القلق أو يهدد إحدى الشخصيات تستدعي الشخصية المتعددة شخصية أخرى مقابلة قادرة على التعامل مع الضغط المعني، وتفعل ذلك وكأنما تدير أزرارا متنوعة من شخصية لأخرى.
كل الاضطرابات الانفصالية توفر الموارد والفرص للهروب من القلق والمسؤولية الشخصية. فقدان الذاكرة بنوعيه مدفوع غالبا من طرف إجهاد شديد ويعد شكلا من أشكال دفاعات الهروب الخيالية. بفقدان الواحد لذاكرته ليس عليه بعد ذلك أن يواجه الصراعات الحادة، تحمل الالتزامات، معاناة القلق أو الشعور بالذنب. عدد كبير من المصابين باضطراب الشخصية المتعددة لهم ماضي طفولة مؤذية ورفض من جانب الآباء.

9. اضطرابات جنسية- اضطرابات الهوية الجنسية
يشمل الدليل التشخيصي الإحصائي للأمراض مجموعة من السلوكيات الجنسية غير النمطية-غير المعتادة- أو مشاكل تتعلق بالتكيف.
ثلاثة أنواع رئيسية هي:
• اضطرابات الرغبة الجنسية، قدرة أو رغبة مكبوتة قصد الحصول على تجربة جنسية مشبعة.
اضطرابات الهوية الجنسية وتنطوي على إحساسنا بالذكورة أو الأنوثة
اضطراب جنسي غرائبي- بارافيلياس- أشكال غريبة وغير معتادة من الإثارة الجنسية.
وهي بتفصيل كالآتي:
• اضطرابات الرغبة الجنسية
تعتبر العوامل النفسية مثل الخوف أو القلق السبب لمعظم أشكال اضطرابات الرغبة الجنسية كالعجز والبرود الجنسي. وترتبط غالب مشاكل بلوغ اللذة القصوى بمشاكل في العلاقات الشخصية، أو الاكتئاب أو الوعي الذاتي. والاختلالات الجنسية شائعة وكثيرا ما تتصل بالعواطف ولكن قد يكون سببها عوامل بدنية مثل السكري أو الإرهاق أو نتيجة الإفراط في استخدام الأدوية أو الكحول.
اضطرابات الهوية الجنسية
تتطور هذه الاضطرابات في مرحلة الطفولة أو المراهقة وتعني مدى ارتياح الفرد حول جنسه الذكورة أو الأنوثة. الأشخاص الذين يريدون أن يتحولوا إلى الجنس الآخر-المقابل-، يشعرون كأنهم في شراك الجسم الخطأ. وقد يخضعون لعملية طبية لتغيير الجنس قصد تحقيق رغباتهم.
وكان يعتبر الشذوذ الجنسي –رغبة الشخص لشخص من نفس الجنس اضطرابا في الدليل الإحصائي الأمريكي الثاني، إلا أنه تم إقصاؤه في الدليل الثالث وعاد ليدرج في الدليل الرابع اضطرابا ذاتيا إذا ما أحس الفرد بإزعاج أو قلق من جراء شذوذه الجنسي.
• اضطراب جنسي غرائبي
نمط غير معتاد من الإثارة الناتجة عن مصادر أو أدوات غير مألوفة تضم التعري، الإثارة، التقديس،السادية- المازوشية،...الاعتداء الجنسي على الأطفال.


المحور الثاني - اضطرابات الشخصية

اضطرابات الشخصية أنماط لشخصيات غير متكيفة تطورت في مرحلة مبكرة من الحياة شديدة المقاومة للتغيير، وأصبحت أساليب للحياة تضم سمات الشخصية المتطرفة والمتشددة مُمثَّلة في السلوكيات الغريبة والمثيرة، الدراماتيكية أو الاندفاعية، وأعراض الخوف أو القلق.
عموما مضطربو الشخصية لا يعتقدون أن لديهم مشاكل ، بل كثيرا ما يخلقون مشاكل للآخرين!
1. مجموعة الخوف-القلق:
تهم هذه المجموعة مجهودات الأشخاص للسيطرة على القلق إزاء الرفض الاجتماعي.
• الشخصية المتجنبة
حساسة لرفض اجتماعي متوقع وتنسحب اجتماعيا على الرغم من رغبة حقيقية في قبول من الآخرين.
• الشخصية الاعتمادية ، تقلل من احتمالات رفض الآخرين عبر التسليم والسماح للآخرين باتخاذ القرارات مع مطابقة رغباتها مع رغبات الآخرين.

• الشخصية السلبية العدوانية: شخصية لا تخاطر بالمواجهة المباشرة ولكنها تقاوم بطرق غير مباشرة من خلال المماطلة، الكذب، التناسي و الأساليب غير المباشرة.

• الشخصية الو سواسية-القهرية: تساير القلق من خلال فرض قواعد صارمة ونظام قاس في حياتها وعلاقاتها للحد من القلق.
2. المجموعة الغريبة-الشاذة:الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية لهذه المجموعة ، يكونون منعزلين، متشككين ويحمون أنفسهم من المخاوف عبر الالتجاء إلى حميميتهم الداخلية.
• الشخصية الفصامية تنسحب اجتماعيا ،لا تقيم صداقات وثيقة ولا تبال بمشاعر الآخرين.
• الشخصية شبه الفصامية لها معتقدات غريبة ، غرابة في التصور وسلوكيات مماثلة لسلوكيات الشخصية للفصامية ولكن ليس إلى حد أقصى.
• الشخصية البارانوية: انعدام ثقة غير مبرر وجارف في الناس ، حساسة جدا،متوجسة من الآخرين ومعرضة للغيرة الزائدة.

3. المجموعة الدراماتيكية الاندفاعية
هذه المجموعة منقسمة بين
• المسرحيين والنرجسيين الذين يشتركون في الإثارة العاطفية المبالغ فيها لكل شيء.
• و الشخصيات البينية والمعادية للمجتمع المتميزة بالاندفاع.
• الشخصية المسرحية تطغى عليها الأنانية وحب الذات ، وتسعى إلى جذب الاهتمام الدائم من خلال تضخيم التعبيرات الدرامية للعاطفة التي قد تقودها إلى حد الهستيريا.
• الشخصية النرجسية: أصحاب هذه الشخصية يلهثون وراء الاهتمام،لهم شعور تعظيمي لذاتها الهامة، وهم يتطلبون معالجة خاصة وإعجابا دائما في حين يفتقرون دائما إلى التعاطف.
• الشخصية الحدية غير مستقرة في نظرتها لنفسها، في المزاج وفي العلاقات وبالتالي يغلب عليها التسرع وعدم توقع سلوكياتها.
• الشخصية المعادية للمجتمع
حاملو هذه الشخصية يفشلون في التقيد بالمعايير الاجتماعية وينتهكون حقوق الآخرين. هم غالبا استغلاليون ،يستخدمون دهاءهم ومهاراتهم الاجتماعية لسحر الناس للحصول على مبتغاهم أو تحقيق مكاسب شخصية.

لمحة خاصة عن الشخصية المعادية للمجتمع
ربما الأكثر إزعاجا في اضطرابات الشخصية هي الشخصية المعادية للمجتمع المتميزة بالانتهاك المزمن لحقوق الآخرين. أكثر من 4 ٪ من الذكور يعانون من هذا الاضطراب ، وهذه الشخصية مسئولة عن قدر كبير من جرائم العنف فضلا عن الجرائم الممهنية.
الشخصيات المعادية غير مسئولة، اندفاعية وغالبا عديمة الضمير، قاسية، عدوانية غالبا و إجرامية.
وهي قلما تشعر بالذنب و ضميرها شبه منعدم.
قد يبدون لبقين ويغرون بالكلام عند لقائهم لأول وهلة، لما يتمتعون به من مهارات جذب الاهتمام وكسب مودة الناس بغية استغلالهم.
غياب الضمير لديهم يخولهم حرية عدم المبالاة بالآخرين، خلو أذهانهم من المتاعب الاجتماعية ومن الإجهاد.
وفي حين أن العديد منهم ينتهي في السجن نظرا لمبادئهم اللاأخلاقية وسلوكياتهم العدوانية، الكثير من الشخصيات المعادية للمجتمع تتمكن بنجاح من توجيه السلوك الاستغلالي لديها ضمن حدود القوانين لتصبح ضمن قائمة موظفين مخادعين ،فنانين غير أصيلين، سياسيين فاسدين، محامين مرتشين وأحيانا مشعوذين ودجالين.
سلوكياتهم الأنانية، الاندفاعية والمخادعة تجعل منهم أصدقاء غير أوفياء، موظفين غير مسئولين ورفقاء لا يوثق فيهم. وتذكر تقارير الدليل الإحصائي للأمراض أن هذه الاضطرابات متوسطة الانتشار تصيب من 1ألى3 ٪ من السكان ، معظمهم من الذكور.


اعتراضات على تصنيف الاضطرابات العقلية

لعل أبرز ناقد للدليل التشخيصي والإحصائي ، هو "توماس ساز" المشهور بمقاله سنة 1960"أسطورة المرض العقلي". حيث يقول أن مفهوم الأمراض العقلية ليس فقط غير مناسب بل ضار أيضا. ويفضل أن نسمي هذه الاضطرابات ب "مشكلات الحياة".

بوصف المشاكل على أنها "أمراض عقلية" نحن فقط نضع وصمة على جبين الأشخاص ونضعهم في مرتبة ودور أدنى سلبي –المريض-، الذي عندئذ يسمح بتسليم مسؤولية العلاج إلى الطبيب مما قد يكبح معه الرغبة الشخصية في تحسين حاله.
وثمة مشاكل أخرى قد تحدث في معاملة "المريض" الذي يحاول إرضاء الطبيب النفسي وليس إيجاد خلاصه من المشكلة.ومن المعروف أيضا أنه متى تم وصف أحدهم كمريض عقلي فانه يحمل وصمة اجتماعية ترافقه، حيث يتطلع الناس إلى المصابين بأمراض عقلية بنظرات مختلفة وربما تجنبوا الاتصال بهم أو حدث تمييز ضدهم في مكان العمل أو في الصداقات.
دراسة كلاسيكية أخرى مثيرة للعالم النفسي "روسينهان" "أن تكون معافى في أماكن غير صحية"،حيث درب هذا العالم مجموعة أشخاص طبيعيين للتظاهر بإصابتهم بأمراض نفسية عبر ادعاء سماعهم لهلوسات سمعية لمعرفة ما إذا كان سيتم قبولهم في مستشفيات الأمراض العقلية.فتقدموا على أنهم كانوا مرضى في الماضي وأصبحوا طبيعيين فتم قبولهم جميعا بالرغم من عدم ظهور أية أعراض عليهم، حيث صنفوا في خانة الفصاميين والاكتئابيين الهوسيين . وقد عوملوا من طرف الموظفين الطبيين حسب علاماتهم-مرضى نفسيين-وأعطوا الأدوية وتم التشكيك في كل فعل طبيعي يقومون به.
شعر هؤلاء المتطوعون أن إنسانيتهم هُدرت وتردت من جراء تفادي النظرات إليهم وازدراءهم وعدم التفاعل معهم بكيفية إنسانية.
وللمفارقة لم يتم كشف حالاتهم المزورة وواجهوا صعوبة في الحصول على الإفراج من المستشفى.
دراسة "روسينهان" تعطي المصداقية لفكرة أن العلامات-الماركات- يمكن أن تكون مؤذية جدا.

Compteur

Alexa